إلا أنّ أرباح مبيع البرغل التي كانت مضمونة في الأعوام الماضية، لم تعد سهلة على ما يبدو في الموسم الجاري. وبدأ منتجوه في زحلة دراسة الفوائد التي جنوها من بيعه. فكلفة إنتاج البرغل إرتفعت أضعافاً هذا العام، متأثّرة بأزمة القمح العالمية التي تسبّبت بها الحرب في أوكرانيا، معطوفة على أزمة إقتصادية محلية، ذوّبت الأرباح بفواتير المحروقات والطاقة اللتين تدخلان في عملية الإنتاج.
وبحسب أصحاب المطاحن التي تبيع البرغل في زحلة، فإنهم اشتروا طن القمح هذا العام بـ500 دولار، بعدما باعوا طن البرغل في العام الماضي بـ500 دولار. ما يعني أن كل أرباح العام الماضي لم تكف لشراء قمح الموسم الجاري. ويبدو أنّ القمح المحلي لحق بالقمح العالمي من حيث إرتفاع سعره، فأصاب صناعة البرغل نصيباً، علماً أنّ القمح المستخدم في صناعة البرغل هو من النوع القاسي لا يستخدم في صناعة الخبز، والأجود منه لصناعة البرغل هو القمح البلدي، الذي يكون من إنتاج سهل البقاع تحديداً.
في المقابل، فإنّ مستوى مبيع البرغل كما يؤكّد مصنّعوه لم يكن بمعدّلات الأعوام التي سبقت الأزمة اللبنانية، وإن تحسّن نسبياً عن العام الماضي. ولا يعود سبب ذلك الى إرتفاع سعره فقط، وإنّما يقول أصحاب المطاحن إنّهم لاحظوا أنّ عائلات كثيرة وصلتها كراتين الإعاشات التي وزّعت في الموسم الماضي مع كمّيات كبيرة من البرغل.
أضف الى ذلك، يلاحظ أصحاب المطاحن أنّ الكثير من العائلات لم تعد تحافظ على عادة المونة القروية التي كانت سائدة في الماضي، وليس السبب تبدّل نمط حياة اللبنانيين وتوجّه الجيل الشاب الى العصرنة حتى من ناحية الذوق في الأطباق، وإنّما أيضا لأنّ منازل اللبنانيين، وحتى في الأطراف والمناطق الجبلية، لم تعد صالحة للإحتفاظ بالمونة كما في السابق. ليضاف الى السببين السابقين سبب ثالث يرتبط بإرتفاع سعر المواد الغذائية، الى حدّ لم يعد يسمح لعائلات عدّة سوى بتأمين حاجتها اليومية.